العودة   قبيلة العرماني > مجالس عرمان العامة > مجلس الأدب ( شعر ، نثر ، قصص )
 

مجلس الأدب ( شعر ، نثر ، قصص ) كافة أنواع الشعر - الألغاز الشعرية - النثر - القصص

« آخـــر الـــمــواضيـع »
         :: غليص ولد رماح (آخر رد :آبن درهوم)       :: نظام المزامنة من المنارة سوفت (آخر رد :الاء وليد)       :: جهاز كشف المعادن من المجموعة الاوروبية (آخر رد :الاء وليد)       :: اكثر الصحابيات رواية للحديث (آخر رد :الاء وليد)       :: فضائل القيام في الشهر الكريم (آخر رد :الطاف)       :: من فنون الرد وسرعة البديهه (آخر رد :روضة حنان)       :: عمل يسير وأجر كبير (آخر رد :شروق مصطفى)       :: حقائق غريبة (آخر رد :روضة حنان)       :: إترك بصمتك وتأكد أنها لن تغيب حتى وإن غاب صاحبها (آخر رد :نورحمدي نور)       :: فوائد الفشار للتخسيس (آخر رد :بدور احمد)      

 
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-04-2011, 01:35 AM   #14 (permalink)
زاهية
عضو مشارك


الصورة الرمزية زاهية
زاهية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3125
 تاريخ التسجيل :  May 2011
 أخر زيارة : 07-26-2011 (07:15 PM)
 المشاركات : 43 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)4



في هذه الليلة لم تغمض عينٌ لأمِّ عادل، ظلَّت ساهرة تصلِّي، وتبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يحمي وحيدها، ويرزقه بالمال والولد، صلت ودعت بحرقة، وسقت ذبول خديها دموعًا كثيرة علَّ الأمل ينبت فيهما روضَ سعادةٍ تهدي ثمارها لفلذة كبدها، فتغمض عينيها وهي مطمئنة على ذرية حبيبها الراحل.
- ما الذي جاء بك يا أبا عادل في هذه الساعة المتأخرة من العمر، مازلت شابا، جميلا، لم تغضن السنون وجهك، أحس بالحياء منك، لا تنظر في وجهي، لقد هرمتُ بتقادم الزمن.
تمد يديها المرتعشتين إلى الأمام، تحركهما في الهواء، تبتسم، تسأل: أين أنت.. لماذا لا تكلمني؟
- انتظر، غدا سيبحر عادل ويتركني وسراب، ألا تريد أن تراه قبل السفر؟
- مازلت أدعو الله أن يرزقه الولد.
- لماذا تبتعد؟
- أرجوك، لا ترحل.. لا ترحل، لا ترحل..
وهو يودِّعها عند الفجر، حاولت أن تخفي دموع أمومتها عنه بعد أن أطلقت الباخرة بوقًا تستدعي به جميع البحارة المنتشرين في الجزيرة، بينما لم تستطع سراب حجب دموعها، فبدا القلق جليًا في عيني عادل وحار في أمره.
مع طلوع الشَّمس أطلقت السَّفينة بوق الوداع، فأسرعت سراب بالصُّعود إلى سطح البيت لرؤيتها وهي تمخر في العباب مبتعدة عن الجزيرة، وفوق متنها أغلى الأحبة، اخترقت عيناها مسافة البعد علَّها تلمح مليكها، فتمسح عن جبينه بعض حبات عرق تحتفظ بشذاه لحين رجوعه إليها، وطار قلبها يرفرف فوق السَّفينة نورسَ حبِّ شغوف بوليفه حتى غابت في الأفق البعيد، وظل محلقًا في سمائها يرفض العودة وحيدا دون مليكه.
أحسَّت انكسارًا، فنزلت إلى البيت متثاقلة الخطوات، كريمة العبرات، شاردة الفكر.
استقبلتها حماتها بوجه بشوش يوحِّدُ خالقه، وكأنَّ شيئًا لم يكن، ودَعَتْها لمشاركتها بتناول قهوة الصَّباح تحت الياسمينة التي ظلَّلت فسحة الدَّار.
لم تكن لديها رغبة في شرب القهوة، لكنَّها مسايرةً لحماتها قبلتها، وفي جوفها نار الفراق تحرق فؤادها دون رحمة.
قالت العجوز وهي تناولها الفنجان: لا أحبَّ أن أراك حزينة، ابتسمي يا ابنتي.. لا تكتئبي.. سرعان ما تمرُّ الأيَّام، ويعود إليك. وإنما الحزن على من لا يعود.
أجابتها وهي تمسح دموعها بأنامل يدها: ولكنَّه عام يا امرأة عمي، عام، كثير والله.
ظلت العجوز صامتة، وفي رأسها مالا يعلمه إلا الله، بينما نظرت سراب إلى السَّماء وتابعت: السَّماء ملبَّدة بالغيوم.
فقالت العجوز وهي مطرقة: فقط في الصَّباح، ألا ترينها مقلعة إلى أجواء أخرى؟
- بلى، ولكن..
- اطمئنِّي يا ابنتي مازلنا في أواخر تموز، والرِّيح مازالت في الغربة.
فقالت سراب وقد عاودها البكاء: وتموز القادم مازال بعيداً.
ابتسمت العجوز وهمست: انظري في وجهي، تأمليه جيداً.
سألتها: لماذا؟
أجابت: أتعرفين كم تمُّوز مرَّ على وجهي هذا؟
سألتها سراب: كم تقدِّرين؟
قالت : كثير.. كثير، ولكنَّها مرت جميعاً كتموزٍ واحد.
كلام العجوز جعل الابتسامة تعود إلى ثغر سراب، فقالت بدهشة: تموز واحد يا امرأة عمي؟!!
أجابت العجوز: نعم.. نعم، فالعام ينطح العام، ويلقي به في هوَّة الزَّمن.. غداً يأتي تموز الثَّاني، ويعود عادل، فلا تعكِّري صفو أيّاَمك بالحزن والألم، تمتَّعي بشبابك قبل أن يهرب منك يا ابنتي.
سألتها سراب: كيف مادام زوجي غائباً؟
أجابت العجوز: وهل المتعة محصورة بوجود الزَّوج؟
فسألتها سراب باستغراب: ما رأيك أنت؟
أجابت: طبعاً لا.
سألتها سراب بحرج: لم أفهم ما ترمين إليه، أريد توضيحاً؟
قالت العجوز: لا أعتقد أنَّك لا تفهمين ما قلت، وقد نلتِ قسطاً من التَّعليم.
ردَّت سراب: ربَّما لم أفهم لأنَّ عقلي مازال متأثِّراً بسفر عادل.
فقالت العجوز: حسناً سأوضح لك الأمر.
- تفضَّلي.
سرحت العجوز بنظرها بعيداً، وكأنها تقرأ شيئًا في ملفات الزمن الغابر، وهي تلقي محاضرة هامة:
- لقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون، وخلق الإنسان، وخلق كلَّ الموجودات، وسخَّرها له كي يتمتَّع بها، ويجعلها في خدمة عبادته لله عزَّ وجلّ.
سألتها سراب بدهشة: وهل الزَّواج إحدى هذه الموجودات؟
أجابت العجوز: بل من أهمها، لأنَّ الإنسان يتكاثر من خلاله ويحفظ الله به البشر.
قالت سراب بعفوية: ولكن قد يأتي بعض النَّاس من طريق غير شرعي.
فقالت العجوز: هذا الطريق قد نهى الله عنها، وأنكرتها جميع الدِّيانات السَّماوية.
هزَّت سراب برأسها موافقة حماتها التي تابعت قائلة: وبما أنَّ الزَّواج من أهمِّ هذه المتع الجسدية والمعنوية، والاجتماعية، فإنَّ عدم تحققه لا يعني انتفاء المتع الأخرى.
سألتها سراب: كيف؟
أجابت: الاستمتاع بالعبادة شيء عظيم، ورؤية الجمال الذي خلقه الله في الأرض والسَّماء، بمساعدة النَّاس، بالقراءة، وحتَّى بالطَّعام.
فسألتها سراب: هل استمتعت بحياتك بعد وفاة عمّي أبي عادل؟
ابتسمت العجوز بحزن وأجابت: نعم، نعم، ولكن أتعرفين كيف كانت متعتي؟
سألتها: أخبريني؟
أجابت: بتربية أولادي تربية صالحة، وبمساعدتي للمحتاجين رغم محدودية حالتي المادية، استمتعت برؤية البحر هادئًا وصاخبا، بالتَّفكير بملكوت الله وعظمته، وبعبادتي له، وبحياكة الشباك للصيادين، كلُّ هذا استمتاع مشبـِع للنفس، ومن قال غير ذلك فهو كاذب.
قالت سراب: ربَّما كان كلامك صحيحاً، ولكنَّني أشعر بالألم بسبب غياب عادل.
قالت العجوز: وهذا إحساس عاطفي أيضاً، وهو أمر طبيعي، ولكن لا تجعلي الألم يلبسك، حاولي الخروج منه.. عودي لسعادتك، وتمتَّعي بعاطفة الشَّوق إليه دون أن تحرقي نفسك فيها.
سألتها سراب: أأنت تقولين لي هذا، وعادل هو ابنك؟
أجابتها باسمة: عادل هو ولدي وقرَّة عيني، ولكنَّ سفره هو جزء من قدره، فهل أحارب القدر بعاطفة الأمومة التي قد تقتلني حزناً على فراقه، فأسبّب له الألم؟
قالت سراب: تقولين الحق ولكنني ضعيفة أمام عاطفتي، ليتني كنت مثلك قوية أستطيع التحكم بنفسي عاطفيًا.
قالت العجوز: القوَّة خير من الضَّعف حتَّى في أدقِّ المشاعر.. تعلَّمي هذا يا ابنتي، فالحياة لا تحقق لنا دائمًا ما نحب.
قالت سراب: سأحاول، ولكن لا أعدك أن يكون باستطاعتي تحقيق ذلك.

بقلم
زاهية بنت البحر
مريم محمد يمق

يتبع


 


رد مع اقتباس
 
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شاطئ البحر وهو متجمد غزلان المجلس العام 9 08-07-2011 10:25 AM
صور لنجم البحر المقحم المجلس العام 13 07-22-2011 04:39 PM
البحر الميت راعي الوفا مجلس السفر والرحلات البرية 4 12-21-2010 04:56 AM
عمر البحر ماشال هم السفينه عرمان العرماني مجلس الأدب ( شعر ، نثر ، قصص ) 20 11-30-2010 05:29 PM
من يعيش على الأمل لايعرف المستحيل عرماني وافتخر المجلس العام 20 11-27-2010 12:32 AM


الساعة الآن 10:57 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لمنتدى قبيلة عرمان الرسمي 2020م
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
 
 
 

SEO by vBSEO 3.6.0