عرض مشاركة واحدة
قديم 09-22-2011, 01:49 AM   #2 (permalink)
ابو أصيل العرماني
عضو مشارك


الصورة الرمزية ابو أصيل العرماني
ابو أصيل العرماني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2885
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 11-13-2015 (11:48 AM)
 المشاركات : 79 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Saudi Arabia
رد: فصل في نسب ونشأت قبيلة عرمان



تاريخ نشأت القبيلة :

عندما نتحدث عن تاريخ القبيلة منذ بداية أصلها لابد أن نوضح من أين جاءت ولمن تعود . فنقول بعد التوكل على الرب المعبود بأن : العرمان قبيلة عربية الأصل قحطانية النسب تعود بأصولها إلى : الأزد بن الغوث القبيلة العربية المشهورة والعريقة والكبيرة بثقلها واسمها سواء قبل الإسلام أو بعده وقد تفرقت إلى بطون كثيرة نشأت منها قبائل عدة تعود بالنسب إليها ما تزال موجودة إلى اليوم . ومنها : قبيلة العرمان , وإذا أردنا التحدث عن : قبيلة العرمان فلابد أن نبدأ بذكر القبيلة الأم وهي : الأزد بن الغوث والتي منها أصل وبداية : قبيلة العرمان . فقبيلة : الأزد بن الغوث من القبائل العربية المشهورة التي ذكرت أخبارها كثير من المصادر التاريخية المتعددة . فقد ذكر أحمد حسين شرف الدين في كتابه " دراسات في أنساب قبائل اليمن " : أن قبيلة الأزد بن الغوث إحدى كبريات قبائل كهلان قد سكنت أرض مأرب , وسيطرت بواسطة ملوك سبأ على كثير من أجزاء اليمن . ( قال ياقوت الحموي في " معجم البلدان " سبأ أرض باليمن مدينتها مأرب وسُمّيت هذه الأرض بهذا الاسم لأنّها كانت منازل ولد سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان , ويقال : سبأ رجل ولد عشرة بنين فسمّيت القرية باسم أبيهم , والله اعلم . انتهى قول ياقوت ) , ( وذكر السمعاني في كتابه " الأنساب " عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال : أسلمت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجلست معه يوماً واحداً فسأله رجل عن سبأ أرجل هو أم امرأة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس بامرأة ولا أرض ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة , فأما الذين تيامنوا فكندة وانمار ـ وهو الذي منه بجيلة وخثعم ـ والأزد وحمير ـ وعك والأشعريون , وأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وعاملة وغسان . انتهى ما ذكره السمعاني ) . ونعود لتكملة ما ذكره أحمد حسين شرف الدين في كتابه حيث ذكر : وبعد انهيار سدّ مأرب بدأت هجرة الأزد من مأرب وكان الدافع لقبيلة الأزد لمغادرة مأرب هو انتجاع أرض أخرى بدلاً عن مأرب التي انهار سدّها وأجدبت أرضها , فنزح فرع منها إلى عُمان وبعضهم إلى السّراة وتهامة والحجاز , وانتشرت من هذه القبائل فروع في شمال الجزيرة العربية وسوريا والسهل الخصيب غربي الفرات حيث اتصلوا بإخوانهم الكهلانيين وتحالفوا معهم , وكانت قبيلة الغساسنة الأزدية قد أسست لها دولة بالشام بمساندة الإمبراطورية الرومانية , وقد ظلت هذه الدولة قائمة حتى جاء الفتح الإسلامي الذي أتاح للأزديين عموماً النفوذ إلى مصر واستيطان الفسطاط وما يسمى بسويقة العراقيين , ومنهم من نزل بجوار قضاعة ولخم وحمير وجهينة من أرض الصعيد . وفي أعقاب الفتح الإسلامي اتجه فريق من الأزد إلى خراسان , وكان في انتقالهم إليها تعزيزاً لجانب القبائل العربية الأخرى التي كانت في نزاع دائم مع قبائل الفرس , كما كان لهم ضلع كبير في دعم ثورة أبي مسلم الخراساني ضد الأمويين وانتصار الدولة العباسية , كما يعود إليهم انتصار الدولة الأموية قبل ذلك وفي الأزد يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه :


ومن يك عنا معشر الأزد سائلاً ...... فإنا بنوالغوث من نبت بن مالك
ابن زيد ابن كهلان نما سبأ له ...... إلى يشجب فوق النجوم الشوابك


وذكر محمد عزب دسوقي في كتابه " القبائل العربية في بلاد الشام منذ ظهور الإسلام إلى نهاية العصر الأموي " : أن الأزد خرجوا من موطنهم باليمن في نهاية القرن الرابع الميلادي بعد انهيار سد مأرب وسيل العرم فخرجوا من جنتي مأرب يسيرون في الأرض فوصلوا مكة وبها يومئذ جرهم بن قحطان فأقامت الأزد بمكة مدة ثم افترقوا منها فرقا لضيق العيش بها فكانت كل فرقة منهم بأرض وبلاد , فمنهم من نزل السروان ثم افترقوا من السروان فسار بعضهم إلى عُمان وأقام منهم من أقام بالسروان ونزل بعضهم السهل ومنهم من تخلف بمكة وما حولها ومنهم من سار إلى يثرب ومنهم من قصد العراق . وسار ثعلبة وجفنة ابنا عمرو ابن عامر ومن بقي من إخوتهم وقومهم فنزلوا بالمشلل بين قديد والجحفة فأقاموا به زمانا ثم نهضوا حتى لحقوا بأرض الشام فنزلوا حوران وأذرعات وقرن الثنية في نواحي الجنوب الشرقي من أرض دمشق .



وذكر المسعودي في كتابه " مروج الذهب ومعادن الجوهر " سبب خروج الأزد من مأرب وهو : أن ملك بلاد سبأ في مأرب الملك عمرو بن عامر له أخ كاهن عقيم , يقال له عمران , وكان لعمرو كاهنة من أهله من حمير يقال لها طريفة الخير . فكان أول شيء وقع بمأرب وعرف من سيل العرم أن عمران الكاهن أخا عمرو رأى في كهانته أن قومه سوف يمزقون كل ممزق ويباعد بين أسفارهم , فذكر ذلك لأخيه عمرو , وهو الملك مزيقياء الذي كانت محنة القوم في أيام ملكه , وبينا طريفة الكاهنة ذات يوم نائمة , إذ رأت فيما يرى النائم أن سحابة غشيت أرضهم وأرعدت وأبرقت , ثم صعقت فأحرقت ما وقعت عليه , ووقعت إلى الأرض , فلم تقع على شيء إلاّ أحرقته . ففزعت طريفة لذلك , وذعرت ذعراً شديداً , وانتبهت وهي تقول : ما رأيت مثل اليوم , قد أذهب عني النوم , رأيت غيما أبرق , وأرعد طويلا ثم أصعق , فما وقع على شيء إلاّ أحرق , فما بعد هذا إلاّ الغرق . فلما رأوا ما داخلها من الرعب خفضوها وسكنوا جأشها حتى سكنت . ثم إن عمرو بن عامر دخل حديقة من حدائقه ومعه جاريتان له , فبلغ ذلك طريفة فأسرعت نحوه , وأمرت وصيفا لها يقال له سنان أن يتبعها , فلما برزت من باب بيتها عارضها ثلاث مناجد منتصبات على أرجلهن واضعات أيديهن على أعينهن , وهي دواب تشبه اليرابيع يكن بأرض اليمن . فلما رأتهن طريفة وضعت يدها على عينها وقعدت , وقالت لوصيفها : إذا ذهبت هذه المناجد عنا فأعلمني . فلما ذهبت أعلمها , فانطلقت مسرعة . فلما عارضها خليج الحديقة التي فيها عمرو وثبت من الماء سحلفاة , فوقعت على الطريق على ظهرها وجعلت تريد الانقلاب فلا تستطيع , فتستعين بذنبها وتحثو التراب على بطنها وجنبها وتقذف بالبول . فلما رأتها طريفة جلست إلى الأرض , فلما عادت السحلفاة إلى الماء مضت طريفة إلى أن دخلت على عمرو الحديقة حين انتصف النهار في ساعة شديد حرها , فإذا الشجر يتكفأ من غير ريح , فنفذت حتى دخلت على عمرو ومعه جاريتين له على الفراش . فلما رآها استحيا منها , وأمر الجاريتين فنزلتا عن الفراش , ثم قال لها : هلمي يا طريفة إلى الفراش . فتكهنت , وقالت : والنور والظلماء , والأرض والسماء , إن الشجر لتالف , وسيعود الماء لما كان في الدهر السالف . فقال عمرو : من خبرك بهذا ؟ قالت : أخبرني المناجد , بسنين شدائد , يقطع فيها الولد والوالد . قال : ما تقولين ؟ قالت : أقول قول الندمان لهفا , قد رأيت سلحفا , تجرف التراب جرفا , وتقذف بالبول قذفا , فدخلت الحديقة فإذا الشجر يتكفا . قال عمرو : وما ترين ذلك ؟ قالت : هي داهية ركيمة , ومصائب عظيمة , لأمور جسيمة . قال : وما هي ؟ ويلك ! قالت : أجل إن لي الويل , ومالك فيها من نيل , فلي ولك الويل , مما يجيء به السيل . فألقى عمرو نفسه على الفراش وقال : ما هذا يا طريفة ؟ قالت : هو خطب جليل , وحزن طويل , وخلف قليل , والقليل خير من تركه . قال عمرو : وما علامة ذلك ؟ قالت : تذهب إلى السد فإذا رأيت جرذا يكثر بيديه في السد الحفر , ويقلب برجليه من الجبل الصخر , فاعلم أن النقر عقر , وأنه وقع الأمر . قال : وما هذا الأمر الذي يقع ؟ قالت : وعد من الله نزل , وباطل بطل , ونكال بنا نزل , فبغيرك يا عمرو فليكن الثكل . فانطلق عمرو إلى السد يحرسه , فإذا الجرذ يقلب برجليه صخرة ما يقلبها خمسون رجلا . فرجع إلى طريفة فأخبرها الخبر وهو يقول :


أبصرت أمرا عادني منه ألم ...... وهاج لي من هوله برح السقم
من جرد كفحل خنزير الأجم ...... أو تيس مرم من أفاريق الغنم
يسحب صخرا من جلاميد العرم ...... له مخاليب وأنياب قضــــم
ما فاته سحلا من الصخر قصم ...... كانمأ يرعى حظيرا من سلم



فقالت له طريفة : إن من علامة ما ذكرت لك أن تجلس في مجلسك بين الجنتين , ثم تأمر بزجاجة فتوضع بين يديك , فإنها ستمتلئ بين يديك من تراب البطحاء من سهلة الوادي ورمله , وقد علمت أن الجنان مظلة ما يدخلها شمس ولا ريح . فأمر عمرو بزجاجة فوضعت بين يديه , فلم يمكث إلاّ قليلا حتى امتلأت من تراب البطحاء . فذهب عمرو إلى طريفة فأخبرها بذلك , وقال : متى ترين هلاك السد ؟ قالت : فيما بينك وبين السبع السنين . قال : ففي أيها يكون ؟ قالت : لا يعلم ذلك إلاّ الله تعالى , ولو علمه أحد لعلمته . ولا يأتي عليك ليلة فيما بينك وبين السبع السنين إلاّ ظننت هلاكه في غدها أو في تلك الليلة . ورأى عمرو في النوم سيل العرم , وقيل له : إن آية ذلك أن ترى الحصباء قد ظهرت في سعف النخل . فذهب إلى كرب النخل وسعفه فوجد الحصباء قد ظهرت فيها , فعلم أن ذلك واقع بهم وأن بلادهم ستخرب , فكتم ذلك وأخفاه , وأجمع أن يبيع كل شيء له بأرض سبأ , ويخرج منها هو وولده . ثم خشي أن يستنكر الناس ذلك , فعمل عمرو بن عامر حيلة للخروج من بلاده , فصنع طعاما وأمر بإبل فنحرت , وبغنم فذبحت , وصنع طعاما واسعا , ثم بعث إلى أهل مأرب أن عمرا صنع يوم مجد وذكر فاحضروا طعامه . ثم دعا ابنا له يقال له مالك ويقال : بل كان يتيما في حجره فقال : إذا جلست أطعم الطعام الناس فاجلس عندي ونازعني الحديث , واردده عليّ , وافعل بي مثل ما أفعله بك . وجاء أهل مأرب , فلما جلسوا أطعم الناس وجلس عنده الذي أمره بما أمره به , فجعل ينازعه الحديث ، ويرد عليه ، فضرب عمرو وجهه وشتمه ، فصنع الصبي بعمرو مثل ما صنع به ، فقام عمرو وصاح : واذلاه ، يوم فخر عمرو ومجده يضرب وجهه صبي . وحلف ليقتلنه ، فلم يزالوا بعمرو حتى تركه . ففي ذلك قال حاجر الأزدي :


يا رب لطمة غدر قد سخنت بها ...... بكف عمرو التي بالغدر قد غرقت


ثم قال : والله لا أقيم ببلد صنع هذا بي فيه ، ولأبيعن عقاري فيه وأموالي ، فقال الناس بعضهم لبعض : اغتنموا غضبة عمرو ، واشتروا منه أمواله قبل أن يرضى . فابتاع الناس منه جميع ماله بأرض مأرب . وفشا بعض حديثه فيما بلغه من شأن سيل العرم ، فخرج ناس من الأزد وباعوا أموالهم ، فلما أكثروا البيع استنكر ذلك الناس ، فأمسكوا بأيديهم عن الشراء . فلما اجتمعت إلى عمرو بن عامر أمواله أخبر الناس بشأن سيل العرم ، فقال أخوه عمران الكاهن : قد رأيت أنكم ستمزقون كل ممزق ، ويباعد بين أسفاركم ، وإني أصف لكم البلدان فاختاروا أيها شئتم ، فمن أعجبه منكم صفة بلد فليصر إليها : من كان منكم ذا هم بعيد ، وجمل شديد ، ومزاد جديد ، فليلحق بقصر عُمان المشيد ... فكان الذين نزلوه أزد عُمان . قال : ومن كان منكم ذا هم غير بعيد ، وجمل غير شديد ، ومزاد غير جديد ، فليلحق بالشعب من كرود . قال : وهي أرض همدان ... فلحق به وادعه بن عمرو ، فاقتسموا فيهم . فقال الكاهن : ومن كان منكم ذا حاجة ووطر ، وسياسة ونظر ، وصبر على أزمات الدهر ، فليلحق ببطن مر وكان الذين سكنوه خزاعة ، سميت بذلك لانخزاعها في ذلك الموضع عمن كان معها من الناس ، وهم بنو عمرو بن لحي ، فتخزعت هنالك إلى هذه الغاية . وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :


ولما هبطنا بطن مر تخزعت ...... خزاعة منا في ملوك كراكر


في شعر له طويل . ومالك و أسلم وملكان بنو قصي بن حارثة ابن عمرو مزيقياء . وقال الكاهن : ومن كان يريد الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل فليلحق بيثرب ذات النخل . وهي المدينة ، وكان الذين سكنوها الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء . قال الكاهن : ومن كان يريد منكم الخمر والخمير ، والديباج والحرير ، والأمر والتدبير ، فليلحق ببصرى وحفير . وهي أرض الشام ، فكان الذين سكنوها غسان . قال الكاهن : ومن كان منكم يريد الثياب الرقاق ، والخيول العتاق ، والكنوز والأرزاق ، فليلحق بالعراق . وكان الذين لحقوا بالعراق منهم مالك بن فهم الازدي وولده . ثم خرج عمرو بن عامر مزيقياء وولده ، من مأرب ، وخرج من كان بمأرب من الأزد يريدون أرضا تجمعهم يقيمون بها ، ففارقهم وادعة بن عمرو بن عامر مزيقياء ، فسكنوا همدان . وتخلف مالك بن اليمان بن فهم بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد ، وكان بعدهم بمأرب ملكا إلى أن كان من أمرهم ما كان من الهلاك . ثم ساروا حتى إذا كانوا بنجران تخلف أبو حارثة بن عمرو بن عامر مزيقياء ودعبل بن كعب بن أبي حارثة فانتسبوا في مذحج . ثم سار عمرو بن عامر حتى إذا كان بين السراة ومكة أقام هنالك أناس من بني نصر من الأزد ، وأقام معهم عمران بن عامر الكاهن أخو عمرو بن عامر مزيقياء ، وعدي بن حارثة ابن عمرو مزيقياء . وسار عمرو بن عامر وبنو مازن حتى نزلوا بين بلاد الأشعريين وعك على ماء يقال له غسان ، بين واديين يقال لهما زبيد ورمع ، وهما مما يلي صدورهما بين صعيد يقال له : صعيد الحسك وبين الجبال التي تدفع به في زبيد ورمع ، فأقاموا على غسان ، وشربوا منه ، فسموا غسان ، وغلب على أسمائهم ، فلا يعرفون إلا به ... قال شاعرهم :


أما سألت فأنا معشر نجب ...... الأزد نسبتنا والماء غسان


والذين سموا غسان من بني مازن الأوس والخزرج ، ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء ، وجفنة بن عمرو مزيقياء ، والحارث وعوف وكعب ومالك بنو عمرو مزيقياء ، والنوم وعدي ابنا حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد . وللقوم أخبار في تفرقهم ، ومن دخل منهم في معد بن عدنان ، وما كان بينهم من الحروب إلى أن ظفرت بهم بنو معد ، فأخرجتهم إلى أن لحقوا بالسراة – والسراة جبل الأزد الذي هم به يقال لهم السراة ، ويقال له : الحجاز ، وإنما سمي السراة من هذا الجبل ظهره ، فيقال لظهره السراة كما يقال لظهر الدابة السراة – فأقاموا به وكانوا في سهله وجبله وما قاربه . وهو جبل على تخوم الشام ، وفرز بينه وبين الحجاز مما يلي أعمال دمشق والأردن وبلاد فلسطين ويلاقي جبل موسى .



كما ذكر هذه الحادثة في رحيل الأزد من مأرب محمود شكري الألوسي البغدادي في كتابه" بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب" . وذكر أبي العباس أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري في كتابه " فتوح البلدان " بأن الأزد بعد سيل العرم خرجوا من مأرب وفي طريقهم إلى مكة تخلف قوم منهم في نجران فأتوا مكة وأهلها جرهم فنزلوا بطن مر وسألوا جرهم أن يعطوهم سهل مكة فأبوا فقاتلوا جرهم حتى غلبوهم وسكنوا مكانهم ولما ضاق عليهم العيش تفرقوا فذهبت طائفة منهم عُمان , وطائفة السراة , وطائفة الأنبار والحيرة , وطائفة الشام , وأقامت طائفة منهم بمكة , وذهب ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا وولده ومن تبعه يثرب وسكانها اليهود فأخرجوهم منها ودخلوها وهم الأوس والخزرج .
كما ذكر أيضاً ياقوت الحموي في كتابه " معجم البلدان " سبب خروج الأزد من مأرب في حديث آخر يقارب ما ذكره المسعودي في كتابه " مروج الذهب ومعادن الجوهر " وهو : أن قبيلة الأزد قد خرجت من أرض سبأ في مدينة مأرب في اليمن قبل حادثة سيل العرم وتهدم سد مأرب بحيلة احتالوها على من يسكن معهم من قبائل أخرى حتى يبيعوا أملاكهم التي في مأرب عليهم ثم يخرجون منها وذلك بسبب رؤيا شاهدتها كاهنة منهم , وذلك أن بلاد كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب وعامة بلاد حمير في أرض اليمن ساداتها من ولد حمير وولد كهلان وهم سادة اليمن في ذلك الزمان , وكان عمرو بن عامر الأزدي كبيرهم وسيدهم وهو جد الأنصار رضي الله عنهم فمات عمرو بن عامر قبل سيل العرم وصارت الرياسة إلى أخيه عمران بن عامر الكاهن , وكان عاقراً لا يولد له ولد , وكان جواداً عاقلاً , وكان له ولولد أخيه من الحدائق والجنان ما لم يكن لأحد من ولد قحطان , وكانت فيهم امرأة كاهنة تسمّى طريفة فأقبلت يوماً حتى وقفت على عمران بن عامر وهو في نادي قومه فقالت : والظلمة والضياء , والأرض والسماء , ليقبلن إليكم الماء , كالبحر إذا طما , فيدع أرضكم خلاء , تسفي عليها الصّبا , فقال لها عمران : ومتى يكون ذلك يا طريفة ؟ فقالت : بعد ستّ عدد , يقطع فيها الوالد الولد , فيأتيكم السّيل , بفيض هيل , وخطب جليل , وأمر ثقيل , فيخرّب الديار , ويعطل العشار , ويطيب العرار , قال لها : لقد فُجعنا بأموالنا ياطريفة فبيّني مقالتك , قالت : أتاكم أمر عظيم , بسيل لطيم , وخطب جسيم , فاحرسوا السّد , لئلا يمتدّ , وإن كان لا بدّ من الأمر المعدّ , انطلقوا إلى رأس الوادي , فسترون الجرذ العادي , يجر كل صخرة صيخاد , بأنياب حداد , وأظفار شداد . فانطلق عمران في نفر من قومه حتى أشرفوا على السّدّ , فإذا هم بجرذان حمر يحفرن السدّ الذي يليها بأنيابها فتقتلع الحجر الذي لا يستقلّه مائة رجل ثم تدفعه بمخاليب رجليها حتى يّسد به الوادي مما يلي البحر ويفتح مما يلي السدّ , فلما نظروا إلى ذلك علموا أنها قد صدقت , فانصرف عمران ومن كان معه من أهله , فلما استقرّ في قصره جمع وجوه قومه ورؤساءهم وأشرافهم وحدّثهم بما رأى وقال : اكتموا هذا الأمر عن إخوتكم من ولد حمير لعلّنا نبيع أموالنا وحدائقنا منهم ثم نرحل عن هذه الأرض , وسأحتال في ذلك بحيلة , ثم قال لابن أخيه حارثة : إذا اجتمع الناس إليّ فإني سآمرك بأمر فاظهر فيه العصيان فإذا ضربت رأسك بالعصا فقم إليّ فالطمني , فقال له : كيف يلطم الرجل عمّه ! فقال : افعل يابنيّ ما آمرك فإن في ذلك صلاحك وصلاح قومك , فلما كان من الغد اجتمع إلى عمران أشراف قومه وعظماء حمير ووجوه رعيته مسلّمين عليه , فأمر حارثة بأمر فعصاه فضربه بمخصرة كانت في يده فوثب إليه فلطمه فأظهر عمران الأنفة والحمية وأمر بقتل ابن أخيه حتى شفع فيه , فلما أمسك عن قتله حلف أنه لا يقيم في أرض امتهن بها ولا بدّ من أن يرتحل عنها , فقال عظماء قومه : والله لا نقيم بعدك يوماً واحداً ! ثم عرضوا ضياعهم على البيع فاشتراها منهم بنو حمير بأعلى الأثمان وارتحلوا عن أرض اليمن فجاء بعد رحيلهم بمديدة السيل وكان ذلك الجرذ قد خرّب السدّ فلم يجد مانعاً فغرّق البلاد حتى لم يبق من جميع الأرضين والكروم إلا ما كان في رؤوس الجبال والأمكنة البعيدة مثل ذمار وحضرموت وعدن ودهُيت الضياع والحدائق والجنان والقصور والدور وجاء السيل بالرمل وطمّها فهي على ذلك إلى اليوم , وباعد الله بين أسفارهم كما ذكروا فتفرّقوا عباديد في البلدان , ولما انفصل عمران وأهله من بلد اليمن عطف ثعلبة العنقاءُ بن عمرو بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امريء القيس البطريق ابن ثعلبة البهلول بن مازن بن الأزد بن الغوث نحو الحجاز فأقام ما بين الثعلبية إلى ذي قار وباسمه سميت الثعلبية فنزلها بأهله وولده وماشيته ومن يتبعه فأقام ما بين الثعلبية وذي قار يتتبع مواقع المطر , فلما كبر ولده وقوي ركنه سار نحو المدينة وبها ناس كثير من بني إسرائيل متفرّقون في نواحيها فاستوطنوها وأقاموا بها بين قريظة والنضير وخيبر وتيماء ووادي القرى ونزل أكثرهم بالمدينة إلى أن وجد عزّة وقوّة فأجلى اليهود عن المدينة واستخلصها لنفسه وولده فتفرق من كان بها من اليهود وانضموا إلى إخوانهم الذين كانوا بخيبر وفدك وتلك النواحي وأقام ثعلبة وولده بيثرب فابتنوا فيها الآطام وغرسوا فيها النخل فهم الأنصار الأوس والخزرج أبناء حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقياء وانخزع عنهم عند خروجهم من مأرب حارثة ابن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء وهو خزاعة فافتتحوا الحرم وسكانه جرهم وكانت جرهم أهل مكة فطغوا وبغوا وسنّوا في الحرم سنناً قبيحة وفجر رجل منهم كان يسمى إساف بامرأة يقال لها نائلة في جوف الكعبة فمسخا حجرين , وهما اللذان أصابهما بعد ذلك عمرو بن لحيّ ثم حسّن لقومه عبادتهما ، كما ذكرته في إساف ، فأحب الله تعالى أن يخرج جرهم من الحرم لسوء فعلهم ، فلما نزل عليهم خزاعة حاربوهم حرب شديدة فظفّر الله خزاعة بهم فنفوا جرهم من الحرم إلى الحل فنزلت خزاعة الحرم ثم أن جرهم تفرّقوا في البلاد وانقرضوا ولم يبقى لهم أثر ، ففي ذلك يقول شاعرهم :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ...... أنيس ، ولم يسمر بمكة سامر
بلى ! نحن كنا أهلها فأبادنا ...... صروف الليالي والجدود العواثر
وكنا ولاة البيت من قبل نابت ...... نطوف بذاك البيت والخير ظاهر

وعطف عمران بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء مفارقا لأبيه وقومه نحو عُمان وقد كان انقرض بها من طسم وجديس ابني إرم فنزلها وأوطنها وهم أزد عُمان منهم وهم العتيك آل المهلّب وغيرهم ، وسارت قبائل نصر بن الأزد وهم قبائل كثيرة منهم دوس رهط أبي هريرة وغامد وبارق و أحجن والجنادبة وزهران وغيرهم نحو تهامة فأقاموا بها وشنؤوا قومهم أو شنئهم قومهم إذ لم ينصروهم في حروبهم أعني حروب الذين قصدوا مكة فحاربوا جرهم والذين قصدوا المدينة فحاربوا اليهود فهم أزد شنؤة ، وسار جفنة بن عمرو بن عامر إلى الشام وملكوها فهذه الأزد .

يتبع...



 

رد مع اقتباس